Page 77 - web
P. 77

‫يتفهـم وجـود الآخـر‪ ،‬ويحفـظ كرامتـه وحقوقـه‪،‬‬           ‫وإبداعه الحضاري وغاياته السامية‪ ،‬وأن التعرف‬                               ‫مقالات وآراء‬
‫ويرعـى أنظمـة الـدول التـي يقيـم على أرضهـا‪ ،‬مـع‬       ‫الحقيقي على الإسلام يستدعي الرؤية الموضوعية‬
‫التعـاون والتبـادل النافـع معـه‪ ،‬وفـق مفاهيـم‬          ‫التـي تتخلـص مـن الأفـكار المسـبقة‪ ،‬لتفهمـه بتدبـر‬           ‫والتفاهـم‪ ،‬والتعـاون لمصلحـة الجميـع‪ ،‬ويحفـز‬
‫الأ ـسرة الإنسـانية التـي ر ّسـخ الإسالم مبادئهـا‬      ‫أصولـه ومبادئـه‪ ،‬لا بالتشـبث بشـذوذات يرتكبهـا‬               ‫على التنافـس في خدمـة الإنسـان وإسـعاده‪،‬‬
                                                       ‫المنتحلـون لاسـمه‪ ،‬ومجازفـات ينسـبونها زو ًرا إلى‬            ‫والبحـث عـن الم تشركات الجامعـة‪ ،‬واسـتثمارها‬
                                  ‫الرفيعـة‪.‬‬                                                                         ‫في ب ـناء دولـة المواطنـة الشـاملة‪ ،‬المبنيـة على القيـم‬
‫وقـد تـم ذكـر مصطلـح الكراهيـة في متن الوثيقـة‬                                           ‫ـشرائعه‪.‬‬                   ‫والعـدل والحريـات المشـروعة‪ ،‬وتبـادل الا تحرام‪،‬‬
‫أربـع ـمرات‪ ،‬ف ـجاء في مقدمتهـا عبـارة «سـلبيات‬        ‫وأوصـت وثيقـة مكـة بعـدم التدخـل في شـؤون‬                    ‫ومحبة الخير للجميع‪ ،‬مع احترام تعدد الشرائع‬
‫الكراهيـة»‪ ،‬وذكـر في المبـدأ السـادس عبـارة‬            ‫الـدول مهمـا تكـن ذرائعـه المحمـودة؛ فهـو ا تخراق‬            ‫والمناهـج‪ ،‬ورفـض الربـط بني الديـن والممارسـات‬
‫«مجازفـات الكراهيـة»‪ ،‬وفي المبـدأ التاسـع ذكـر‬         ‫مرفـوض‪ ،‬ولا سـيما أسـاليب الهيمنـة السياسـية‬
‫عبـارة «مروجـي الكراهيـة»‪ ،‬وفي المبـدأ الرابـع‬         ‫بمطامعهـا الاقتصاديـة وغيرهـا‪ ،‬أو تسـويق‬                         ‫السياسـية الخاطئـة لأي مـن المنتسـبين إليـه‪.‬‬
‫عشـر ـجاءت عبـارة «ال ـصراع والصـدام يعمـل‬             ‫الأفـكار الطائفيـة‪ ،‬أو محاولـة ـفرض الفتـاوى على‬             ‫كمـا تضمنـت مبـادئ الوثيقـة الدعـوة إلى الحـوار‬
‫على تجذيـر الكراهيـة واسـتنبات العـداء بني‬             ‫ظرفيتهـا المكانيـة‪ ،‬وأحوالهـا‪ ،‬وأعرافهـا الخاصـة‪،‬‬            ‫الحضـاري بصفتـه أفضـل السـبل إلى التفاهـم‬
‫الأمـم والشـعوب»‪ ،‬ممـا سـبق‪ ،‬يتبني جل ًّيـا أن‬                                                                      ‫السـوي مـع الآخـر‪ ،‬والت ـعرف على الم تشركات‬
‫مـن الاهتمامـات السـامية لوثيقـة مكـة محاربـة‬                    ‫إلا بم ـس ّوغ رسـمي لمصلحـة راجحـة‪.‬‬                ‫معـه‪ ،‬وتجـاوز معوقـات التعايـش والتغلـب على‬
‫التمييـز والكراهيـة بـكل أشـكالها في المجتمعـات‬        ‫أمـا بخصـوص حمايـة ال ـمرأة والطفـل‪ ،‬فقـد‬                    ‫المشـكلات ذات الصلـة‪ ،‬إضافـة إلى تجـاوز الأحـكام‬
‫قاطبـة‪ ،‬وبني الإنسـانية كلهـا‪ ،‬وهـذا لصيانـة أمـن‬      ‫أ ـقرت الوثيقـة مبـادئ التمكني المشـروع لل ـمرأة‬             ‫المح ّملـة بعـداوات التاريـخ التـي ص ّعـدت مـن‬
‫الـدول واسـتقرار مجتمعاتهـا‪ ،‬وصيانـة لكرامـة‬           ‫ورفـض تهميـش دورهـا‪ ،‬أو امتهـان كرامتهـا‪ ،‬أو‬                 ‫مجازفـات الكراهيـة ونظريـة المؤا ـمرة‪ ،‬والتعميـم‬
‫الإنسـان وحفـظ حقوقـه وتجنيبـه الت ـطرف الفكـري‬        ‫التقليـل مـن شـأنها‪ ،‬أو إعاقـة فرصهـا في الشـؤون‬             ‫الخاطـئ لشـذوذات المواقـف والتصرفـات‪ ،‬مـع‬
                                                       ‫الدينيـة أو العلميـة أو السياسـية أو الاجتماعيـة‬             ‫التأكيـد أن التاريـخ في ذمـة أصحابـه‪ ،‬و ـبراءة‬
       ‫والد ـخول في دوامـة العنـف والإرهـاب‪.‬‬           ‫أو غيرهـا‪ ،‬وفي تقلدهـا المراتـب المسـتحقة دون‬                ‫الأديـان والفلسـفات مـن مجازفـات معتنقيهـا‬
‫ومن الأفكار القوية والمبادئ الواردة في وثيقة مكة‬       ‫تمييـز‪ ،‬والمسـاواة في الأجـور وال ـفرص‪ ،‬إضافـة إلى‬
‫المك ّرمة‪ ،‬المبدأ العشرون الذي بموجبه تم تحميل‬         ‫العنايـة بالطفـل صح ًّيـا وتربو ًّيـا وتعليم ًّيـا‪ ،‬وتعزيـز‬                                   ‫و مد عيهـا ‪.‬‬
‫‪-‬في المجتمعـات المسـلمة‪ -‬المسـؤولية الك يبرة‬           ‫هويـة الشـباب المسـلم بركائزهـا الخمـس‪ :‬الديـن‪،‬‬              ‫كمـا ـجاء أي ًضـا في متن الوثيقـة المطالبـة بسـن‬
‫لمؤسسـات التربيـة والتعليـم بمناهجهـا ومعلميهـا‬        ‫والوطن‪ ،‬والثقافة‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬واللغة‪ ،‬وحمايتها‬                 ‫التشريعات الرادعة لمروجي الكراهية‪ ،‬والمحرضين‬
‫وأدواتهـا ذات الصلـة‪ ،‬وعمـوم منصـات التأثير‪،‬‬           ‫مـن محـاولات الإق ـصاء أو الذوبـان المتعمـد وغير‬             ‫على العنـف والإرهـاب والصـدام الحضـاري‪،‬‬
‫بخاصة منابر الجمعة ومؤسسات المجتمع المدني‪.‬‬             ‫المتعمـد‪ ،‬وحمايـة الشـباب مـن أفـكار الصـدام‬                 ‫مؤكـدة أن ذلـك كفيـل بتجفيـف مسـببات ال ـصراع‬
‫ثال ًثـا‪ :‬المشـروع الجزائـري في مواجهـة التمييـز‬       ‫الحضـاري والتعبئـة السـلبية ضـد المخالـف‪،‬‬                    ‫الدينـي والإثنـي‪ ،‬كمـا أدانـت الاعتـداء على دور‬
                                                       ‫والت ـطرف الفكـري بتشـدده أو عنفـه أو إرهابـه‪،‬‬               ‫العبـادة‪ ،‬معتربة أنـه عمـل إجرامـي يتطلـب‬
                         ‫وخطـاب الكراهيـة‬              ‫وتسليحه بقيم التسامح والتعايش بسلام ووئام‬                    ‫الوقوف إزاءه بحزم تشريعي‪ ،‬وضمانات سياسية‬
‫باسـتصدار الجزائـر القانـون رقـم ‪ 05 20-‬المـؤ ّرخ في‬                                                                ‫وأمنية قوية‪ ،‬مع التصدي اللازم للأفكار المتطرفة‬
‫‪ 05‬رمضان عام ‪1441‬هـ الموافق ‪ 28‬إبريل ‪2020‬م‪،‬‬                  ‫في المشروع الجزائري‬
‫المتعلـق بالوقايـة مـن التمييـز وخطـاب الكراهيـة‬           ‫الحبس من ‪ 6‬أشهر إلى ‪3‬‬                                                                 ‫المح ّـفزة عليـه‪.‬‬
‫ومكافحتهمـا‪ ،‬تصبـح ثالـث بلـد إفريقـي يسـن‬             ‫سنوات وغرامة مالية من ‪60‬‬                                     ‫ودعـت الوثيقـة أي ًضـا إلى مكافحـة الإرهـاب‬
‫قانو ًنـا ضـد التمييـز والكراهيـة بعـد جنـوب إفريقيـا‬     ‫ألف د‪.‬ج إلى ‪ 3‬ملايين د‪.‬ج‬                                  ‫والظلـم والقهـر‪ ،‬ورفـض اسـتغلال مقـدرات‬
                                                         ‫على مرتكبي جرائم التمييز‬                                   ‫الشـعوب وانتهـاك حقـوق الإنسـان‪ ،‬مشـ ّددة‬
                                  ‫وتونـس‪.‬‬                                                                           ‫على أن ذلـك واجـب الجميـع مـن دون تمييـز أو‬
‫وأشـار المشـ ّرع الجزائـري إلى أن خطـاب الكراهيـة‬               ‫وخطاب الكراهية‬                                      ‫محابـاة‪ ،‬إلى جانـب حفـظ الطبيعـة التـي سـ ّخرها‬
‫يشـمل جميـع أشـكال التعبير التـي تنشـر أو‬                                                                           ‫الخالـق العظيـم للإنسـان؛ إذ إن الاعتـداء على‬
‫تشـ ّجع أو تربر التمييـز‪ ،‬وكـذا تلـك التـي تتضمـن‬                                                                   ‫مـوارد الطبيعـة وإهدارهـا وتلويثهـا تجـاوز للحـق‪،‬‬
‫أسلوب الازدراء أو الإهانة أو العداء أو البغض أو‬
‫العنـف الموجـه إلى شـخص أو مجموعـة أشـخاص‬                                                                                    ‫واعتـداء على حـق الأجيـال القادمـة‪.‬‬
‫على أسـاس الجنـس أو العـرق أو اللـون أو النسـب‬                                                                      ‫وحـ ّذرت الوثيقـة مـن ظا ـهرة «الإسالموفوبيا»‬
‫أو الأصـل القومـي أو الإثنـي أو اللغـة أو الانت ـماء‬                                                                ‫التـي اعتبرتهـا وليـدة عـدم المعرفـة بحقيقـة الإسالم‬

                                                                                                                    ‫‪76‬‬
   72   73   74   75   76   77   78   79   80   81   82